{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ} إلا بلغة قومه الذي هو منهم وبعث فيهم. {لِيُبَيِّنَ لَهُمُ} ما أمروا به فيفقهوه عنه بيسر وسرعة، ثم ينقلوه ويترجموه إلى غيرهم فإنهم أولى الناس إليه بأن يدعوهم وأحق بأن ينذرهم، ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإنذار عشيرته أولاً، ولو نزل على من بعث إلى أمم مختلفة كتب على ألسنتهم استقل ذلك بنوع من الاعجاز، لكن أدى إلى إختلاف الكلمة وإضاعة فضل الاجتهاد في تعلم الألفاظ ومعانيها، والعلوم المتشعبة منها وما في اتعاب القرائح وكد النفوس من القرب المقتضية لجزيل الثواب. وقرئ: {بلسن} وهو لغة فيه كريش ورياش، ولسن بضمتين وضمة وسكون على الجمع كعمد وعمد. وقيل الضمير في قومه لمحمد صلى الله عليه وسلم وأن الله تعالى أنزل الكتب كلها بالعربية، ثم ترجمها جبريل عليه السلام أو كل نبي بلغة المنزل عليهم وذلك ليس بصحيح يرده قوله: {لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} فإنه ضمير القوم، والتوراة والإنجيل ونحوهما لم تنزل لتبين للعرب. {فَيُضِلُّ الله مَن يَشَاءُ} فيخذله عن الإِيمان. {وَيَهْدِى مَن يَشَاءُ} بالتوفيق له. {وَهُوَ العزيز} فلا يغلب على مشيئته. {الحكيم} الذي لا يضل ولا يهدي إلا لحكمه.